responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 450
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي مَحَلِّ الَّذِينَ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: قَالَ الزَّجَّاجُّ: الْجَرُّ، وَهَذَا نَعْتُ الْعَبِيدِ، وَالتَّقْدِيرُ:
وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ الَّذِينَ قَالُوا كَذَا وَكَذَا. وَثَانِيهَا: أَنَّ التَّقْدِيرَ: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ، وَقَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا. وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ رَفْعًا بِالِابْتِدَاءِ وَالتَّقْدِيرُ: هُمُ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْقُرْبَانُ الْبِرُّ الَّذِي يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ، وَأَصْلُهُ الْمَصْدَرُ مِنْ قَوْلِكَ قَرُبَ قُرْبَانًا، كَالْكُفْرَانِ وَالرُّجْحَانِ وَالْخُسْرَانِ، ثُمَّ سَمَّى بِهِ نَفْسَ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ، وَمِنْهُ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «يَا كَعْبُ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّلَاةُ قُرْبَانٌ»
أَيْ بِهَا يُتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ وَيُسْتَشْفَعُ فِي الْحَاجَةِ لَدَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَجَابَ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَقَالَ: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ بِهَذِهِ الدَّلَائِلِ أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ هَذِهِ الْمُعْجِزَةَ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِرْشَادِ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَسْلَافَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ طَلَبُوا هَذَا الْمُعْجِزَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِثْلِ زَكَرِيَّا وَعِيسَى وَيَحْيَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهُمْ أَظْهَرُوا هَذَا الْمُعْجِزَ، ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ سَعَوْا فِي قَتْلِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيْضًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُولَئِكَ الْقَوْمَ إِنَّمَا طَلَبُوا هَذَا الْمُعْجِزَ مِنْ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى سبيل التعنت، إذ لو لم يكون كَذَلِكَ لَمَا سَعَوْا فِي قَتْلِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ رَاضُونَ بِأَفْعَالِ أُولَئِكَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمُصَوِّبُونَ لَهُمْ فِي كُلِّ مَا فَعَلُوهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ هَؤُلَاءِ فِي طَلَبِ هَذَا الْمُعْجِزِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُتَعَنِّتِينَ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ طَلَبَهُمْ لِهَذَا الْمُعْجِزِ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِرْشَادِ، لَمْ يَجِبْ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ إِسْعَافُهُمْ بِذَلِكَ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْمُعْجِزَاتُ الْكَثِيرَةُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا الْجَوَابُ شَافٍ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّمَا قَالَ: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي وَلَمْ يَقُلْ جَاءَتْكُمْ رُسُلٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُؤَنَّثِ يُذَكَّرُ إِذَا تَقَدَّمَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَبِالَّذِي قُلْتُمْ هُوَ مَا طَلَبُوهُ مِنْهُ، وَهُوَ الْقُرْبَانُ الَّذِي تَأْكُلُهُ النَّارُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالَّذِي قُلْتُمْ، بَلْ قَالَ: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ وَالْفَائِدَةُ: أَنَّ الْقَوْمَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَقَّفَ التَّصْدِيقَ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى ظُهُورِ الْقُرْبَانِ الَّذِي تَأْكُلُهُ النَّارُ، فَلَوْ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لَهُمْ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَتَوْا/ بِهَذَا الْقُرْبَانِ، لَمْ يَلْزَمْ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ وُجُوبُ الِاعْتِرَافِ بِنُبُوَّتِهِمْ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَذَا الْقُرْبَانِ شَرْطٌ لِلنُّبُوَّةِ لَا مُوجِبٌ لَهَا، وَالشَّرْطُ هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ عِنْدَ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ وُجُودِهِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَوِ اكْتَفَى بِهَذَا الْقَدْرِ لَمَا كَانَ الْإِلْزَامُ وَارِدًا، أَمَّا لَمَّا قَالَ: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ كَانَ الْإِلْزَامُ وَارِدًا، لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَتَوْا بِالْبَيِّنَاتِ فَقَدْ أَتَوْا بِالْمُوجِبِ لِلتَّصْدِيقِ، وَلَمَّا أَتَوْا بِهَذَا الْقُرْبَانِ فَقَدْ أَتَوْا بِالشَّرْطِ، وَعِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا كَانَ الْإِقْرَارُ بِالنُّبُوَّةِ وَاجِبًا، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَوْلَا قَوْلُهُ: جاءَكُمْ ... بِالْبَيِّناتِ لَمْ يَكُنِ الْإِلْزَامُ وَارِدًا على القوم والله أعلم.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 184 الى 185]
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (184) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (185)
[فِي قَوْلُهُ تَعَالَى فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ]

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست